رسالة إلى بعض موظفي المقاطعات بمكناس : ناموا ولا تستيقظـوا ما فــاز الا النوم

الساعة تشير إلى التاسعة والنصف صباحا أي بعد مرور ساعة على التوقيت الرسمي لبداية العمل داخل الإدارات العمومية،وأنا أمر بجانب إحدى مقاطعات العاصمة الإسماعيلية،جذبني مظهر العديد من المواطنين يقفون أمام بابها،دخلت بدافع الواجب الذي تمليه علي مهنة المتاعب لاستكشاف الأمر،تجولت داخل مكاتبها،فوجدت بعضها خاوية على عروشها،والبعض الأخر يتواجد به موظف أو موظفين على الأكثر،بالصدفة كان أحد الموظفين المتواجدين صديق لي مرت مدة من الزمن ولم نلتقي،ألقيت عليه التحية وتبادلنا أطراف الحديث وسألته عن سبب فراغ بعض المكاتب من موظفيها،قال لي "راك عارف لي كاين، هذا حال جميع المقاطعات فالمغرب"،فعلا هذا حال مقاطعات المغرب،تأخر في الالتحاق بالعمل وتماطل في أداء الواجب المهني،فالتوقيت الرسمي للعمل وكما حددته وزارة تحديث القطاعات العامة والذي غيرته من مستمر إلى توقيت صيفي طيلة السنة على عهد الوزير السابق بنسعيد في حكومة إدريس جطو،هو من الثامنة والنصف صباحا إلى الرابعة والنصف بعد الزوال،التوقيت الذي يجب أن يعاد فيه النظر لفشله الذريع وعدم ملائمته ونوعية الموظف المغربي.

ربما يجهل الكثير من الموظفين داخل هذه المقاطعات،التوقيت الرسمي للعمل،ولكي لا نكون مجحفين في حق هذه الفئة من الموظفين،فهناك شريحة مهمة منهم تؤدي واجبها على أكمل وجه وتحترم وتلتزم بتوقيت العمل،انطلاقا مما يمليه عليها ضميرها،لكن البعض الأخر سامحهم الله لاشيء يثنيه عن تغيير سلوكه و"تحليل راتبه" كما يقال،تأخر عن الالتحاق بالعمل وطرق لا مهنية في تأدية الواجب من بينها "تمخيط" المواطن المغلوب على أمره في أخذ وثيقة إدارية يقضي بها حوائجه.

من جهة أخرى تجد بعض "المواطنين" بين قوسين،لأن المواطنة تستلزم توفر عدة أشياء،تجدهم يساهمون في خرق كل القواعد داخل هذه المقاطعات،بذريعة أن لا وقت لديهم لإضاعته،فيلجؤون إلى الرشوة والزبونية من الوهلة الأولى لقضاء حوائجهم،تجدهم متعجرفين يمسكون بمفاتيح سياراتهم الباهضة الثمن،من أجل لفت نظر الموظفين،وكأنهم يبعثون برسالة إليهم مفادها، "نحن من يعطي أكثر...".

هناك بعض الظواهر والسلوكيات أصبحت تنخر مقاطعات المدينة،ابتدعها بعض الموظفين والموظفات للتهرب من تأدية الواجب الذي تقتضيه المهنة،من بين هذه الظواهر،التناوب في الحضور،بحيث يتفق البعض منهم على الحضور في الفترة الصباحية،والموظفات من يفضلن هذه الفترة،والبعض الأخر يأتي دوره بعد الزوال،وبالتالي ستجد المكتب دائما به موظف أو موظفين في حين يجب أن يكون ثلاثة أو أربعة داخله،الشيء الذي يترتب عليه ازدحام وطابور طويل على الموظف أو الموظفين المتواجدين،وهذا بحد ذاته يكرس نظرة سودوية على إدارات المغرب،بكونها إدارات ذات طوابير طويلة،ظاهرة أخرى هي يوم الجمعة بعد الزوال،فبالنسبة لبعض الموظفين فعطلة نهاية الأسبوع تبدأ مع أذان صلاة ظهر يوم الجمعة،فأي صلاة لموظف يتهرب من أداء عمله ؟

شيء أخر تعاني منه بعض المقاطعات،وهو غياب أي مكتب استقبال أو ملصقات توجه المواطن إلى المكتب الذي من المفترض أن  يقضي فيه حوائجه.

على كل موظف أو موظفة داخل أي مقاطعة أو إدارة بتراب المملكة،أن يعي جيدا بأن أي تأخر عن الالتحاق بالعمل،أو تماطل في تأدية واجبه، يضع راتبه في خانة المال الحرام،ونتمنى أن تظهر فتوى من علماء المجلس العلمي الأعلى في هذا الباب،لعل الوازع الديني يغير ما عجزت عنه جل مبادرات الدولة في تخليق إداراتها.

ملاحظة أخرى لا يمكن إغفالها هي أن هناك بعض موظفي السلطات المحلية ورؤساء بعض المصالح،داخل الولاية أي الجهة الوصية على هذه المقاطعات،يبقون في مكاتبهم في بعض الأحيان إلى ساعات متأخرة من الليل،وهذه مفارقة غريبة،فالموظف الصغير في السلم الإداري،تجده يتماطل،ويتجبر ويتأخر و"يسلت" في بعض الأحيان عن عمله،ورؤساؤه يتفانون في تأدية واجبهم !!! لهذا كله نقول لهم أن قطار التغيير الذي ركبه المغرب،قد فاتهم،فناموا نوما هنيئا لكم في الدنيا، وستحاسبون عن كل صغيرة وكبيرة في دار الحساب.